كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال النووي رحمه الله في شرح حديث حجة الوداع السابق: وفي هذا الحديث إباحة ضرب الرجل امرأته للتأديب، فإن ضربها الضرب المأذون فيه فماتت وجبت ديتها على عاقلة الضارب، ووجبت الكفارة في ماله.
ومن هنا يتبين لنا أن الضرب دواء ينبغي مراعاة وقته، ونوعه، وكيفيته، ومقداره، وقابلية المحل، لكن الذين يجهلون هداية الإسلام يقلبون الأمر، ويلبسون الحق بالباطل.
ثم إن التأديب بالضرب ليس كل ما شرعه الإسلام من العلاج، بل هو آخر العلاجات مع ما فيه من الكراهة؛ فإذا وجدت امرأة ناشز أساءت عشرة زوجها، وركبت رأسها، واتبعت خطوات الشيطان، ولم ينجع معها وعظ ولا هجران-؛ فماذا يصنع الرجل في مثل هذه الحال؟
هل من كرامته أن يهرع إلى مطالبة زوجته كل ما نشزت؟ وهل تقبل المرأة ذلك، فينتشر خبرها، فتكون غرضًا للذم، وعرضة للَّوم؟
إن الضرب بالمسواك، وما أشبهه أقلُّ ضررًا على المرأة نفسها من تطليقها الذي هو نتيجة غالبة لاسترسالها في نشوزها، فإذا طُلِّقت تصدع بنيان الأسرة، وتفرق شملها، وتناثرت أجزاؤها.
وإذا قيس الضرر الأخف بالضرر الأعظم كان ارتكاب الأخف حسنًا جميلًا، كما قيل:
وعند ذكر العمى يستحسن العورُ.
فالضرب طريق من طرق العلاج يجدي مع بعض النفوس الشاردة التي لا تفهم بالحسنى، ولا ينفع معها الجميل، ولا تفقه الحجة، ولا تقاد بزمام الإقناع.
ثم إذا أخطأ أحد من المسلمين سبيل الحكمة، فضرب زوجته وهي لا تستحق، أو ضربها ضربًا مبرحًا- فالدين براء من تبعة هذه النقائص، وإنما تبعتها على أصحابها.
هذا وقد أثبتت دراسات علم النفس أن بعض النساء لا ترتاح أنفسهن إلا إذا تعرضن إلى قسوة وضرب شديد مبرح؛ بل قد يعجبها من الرجل قسوته، وشدته، وعنفه؛ فإذا كانت امرأة من هذا النوع فإنه لا يستقيم أمرها إلا بالضرب.
وشواهد الواقع والملاحظات النفسية على بعض أنواع الانحراف تقول: إن هذه الوسيلة قد تكون أنسب الوسائل لإشباع انحراف نفسي معين، وإصلاح سلوك صاحبه، وإرضائه في الوقت ذاته؛ فربما كان من النساء من لا تحس قوة الرجل الذي تحب أن يكون قوامًا عليها إلا حين يقهرها عضليًا.
وليست هذه طبيعة كل امرأة، ولكن هذه الصنف من النساء موجود، وهو الذي يحتاج إلى هذه المرحلة الأخيرة؛ ليستقيم على الطريقة.
والذين يولعون بالغرب، ويولون وجوههم شطره يوحون إلينا أن نساء الغرب ينعمن بالسعادة العظمى مع أزواجهن.
ولكن الحقيقة الماثلة للعيان تقول غير ذلك؛ فتعالوا نطالع الإحصاءات التي تدل على وحشية الآخرين الذين يرمون المسلمين بالوحشية.
أ- نشرت مجلة التايمز الأمريكية أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث من جانب الزوج كل عام، وأنه من ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن لضرب يؤدي إلى الموت، وأن رجال الشرطة يقضون ثلث وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي.
ب- ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 1979م أن 40% من حوادث قتل النساء تحدث بسبب المشكلات الأسرية، وأن 25% من محاولات الانتحار التي تُقْدم عليها الزوجات يسبقها نزاع عائلي.
ج- دراسة أمريكية جرت في عام 1407هـ- 1987م أشارت إلى 79% يقومون بضرب النساء وبخاصة إذا كانوا متزوجين بهن.
وكانت الدراسة قد اعتمدت على استفتاء أجراه د.جون بيرير الأستاذ المساعد لعلم النفس في جامعة كارولينا الجنوبية بين عدد من طلبته.
وقد أشارت الدراسة إلى أن استعداد الرجال لضرب زوجاتهم عالٍ جدًا، فإذا كان هذا بين طلبة الجامعة فكيف بمن هو دونهم تعليمًا؟
د- وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية جاء أن 17% من النساء اللواتي يدخلن غرف الإسعاف ضحايا ضرب الأزواج أو الأصدقاء، وأن 83% دخلن المستشفيات سابقًا مرة على الأقل للعلاج من جروح وكدمات أصبن بها كان دخولهن نتيجة الضرب.
وقال إفان ستارك معد هذه الدراسة التي فحصت (1360) سجلًا للنساء: إن ضرب النساء في أمريكا ربما كان أكثر الأسباب شيوعًا للجروح التي تصاب بها النساء، وأنها تفوق ما يلحق بهن من أذى نتيجة حوادث السيارات، والسرقة، والاغتصاب مجتمعة.
وقالت جانيس مور- وهي منسقة في منظمة الائتلاف الوطني ضد العنف المنزلي ومقرها واشنطن-: إن هذه المأساة المرعبة وصلت إلى حد هائل؛ فالأزواج يضربون نساءهم في سائر أنحاء الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى دخول العشرات منهن إلى المستشفيات للعلاج.
وأضافت بأن نوعية الإصابات تتراوح ما بين كدمات سوداء حول العينين، وكسور في العظام، وحروق وجروح، وطعن بالسكين، وجروح الطلقات النارية، وما بين ضربات أخرى بالكراسي، والسكاكين، والقضبان المحماة.
وأشارت إلى أن الأمر المرعب هو أن هناك نساء أكثر يُصبن بجروح وأذى على أيدي أزواجهن ولكنهن لا يذهبن إلى المستشفى طلبًا للعلاج، بل يُضمِّدن جراحهن في المنزل.
وقالت جانيس مور: إننا نقدر بأن عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل عام يصل إلى ستة ملايين امرأة، وقد جمعنا معلومات من ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالية، ومن مئات الملاجئ التي توفر المأوى للنساء الهاربات من عنف وضرب أزواجهن.
هـ- وجاء في كتاب ماذا يريدون من المرأة لعبد السلام البسيوني ص36- 66 ما يلي:
- ضرب الزوجات في اليابان هو السبب الثاني من أسباب الطلاق.
- 772 امرأة قتلهن أزواجهن في مدينة ساوباولو البرازيلية وحدها عام1980م.
- يتعرض ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين من الأمريكيات للإهانة المختلفة من أزواجهن وعشاقهن سنويًا.
- أشارت دراسة كندية اجتماعية إلى أن ربع النساء هناك- أي أكثر من ثمانية ملايين امرأة- يتعرضن لسوء المعاملة كل عام.
- في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مئة ألف مكالمة سنويًا من نساء يضربهن أزواجهن على مدار السنين الخمس عشرة الماضية.
- تتعرض امرأة لسوء المعاملة في أمريكا كل ثمان ثوان.
- مئة ألف ألمانية تضرب أزواجهن سنويًا، ومليونا فرنسية.
- 60 % من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل- هي نداءات استغاثة من نساء تُساء معاملتهن.
وبعد فإننا في غنى عن ذكر تلك الإحصاءات؛ لعلمنا بأنه ليس بعد الكفر ذنب.
ولكن نفرًا من بني جلدتنا غير قليل لا يقع منهم الدليل موقعه إلا إذا نسب إلى الغرب وما جرى مجراه؛ فها هو الغرب تتعالى صيحاته من ظلم المرأة؛ فهل من مدكر؟!
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة ** فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن أنقذها من أيدي الذين يزدرون مكانها، وتأخذهم الجفوة في معاشرتها؛ فقرر لها من الحقوق ما يكفل راحتها، وينبه على رفعة منزلتها، ثم جعل للرجل حق رعايتها، وإقامة سياج بينها وبين ما يخدش كرامتها.
ومن الشاهد على هذا قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228].
فجعلت الآية للمرأة من الحقوق مثل ما للرجل؛ وإذا كان أمر الأسرة لا يستقيم إلا برئيس يدبره فأحقهم بالرياسة هو الرجل الذي شأنه الإنفاق عليها، والقدرة على دفاع الأذى عنها.
وهذا ما استحق به الدرجة المشار إليها في قوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} وقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34].
بل إن الله عز وجل قد اختص الرجل بخصائص عديدة تؤهله للقيام بهذه المهمة الجليلة.
ومن تلك الخصائص ما يلي:
أ- أنه جُعل أصلها، وجعلت المرأة فرعه، كما قال تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء:1].
ب- أنها خلقت من ضلعه الأعوج، كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: «استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلَع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج؛ استوصوا بالنساء خيرًا».
ج- أن المرأة ناقصة عقل ودين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن» قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان؛ فهذا نقصان الدين».
فلا يمكن- والحالة هذه- أن تستقل بالتدبير والتصرف.
د- نقص قوَّتها، فلا تقاتل ولا يُسهَم لها.
هـ- ما يعتري المرأة من العوارض الطبيعية من حمل وولادة، وحيض ونفاس، فيشغلها عن مهمة القوامة الشاقة.
و- أنها على النصف من الرجل في الشهادة- كما مر- وفي الدية، والميراث، والعقيقة، والعتق.
هذه بعض الخصائص التي يتميز بها الرجل عن المرأة.
قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله: ولا ينازع في تفضيل اللهِ الرجلَ على المرأة في نظام الفطرة إلا جاهل أو مكابر؛ فهو أكبر دماغًا، وأوسع عقلًا، وأعظم استعدادًا للعلوم، وأقدر على مختلف الأعمال.
وبعد أن استبان لنا عظم شأن القوامة، وأنها أمر يأمر به الشرع، وتقره الفطرة السوية، والعقول السليمة؛ فهذا ذكر لبعض ما قاله بعض الغربيين من الكتاب وغيرهم في شأن القوامة؛ وذلك من باب الاستئناس؛ لأن نفرًا من بني جلدتنا لا يقع الدليل موقعه عندهم إلا إذا صدر من مشكاة الغرب.
أ- تقول (جليندا جاكسون) حاملة الأوسكار التي منحتها ملكة بريطانيا وسامًا من أعلى أوسمة الدولة، والتي حصلت على جائزة الأكاديمية البريطانية، وجائزة مهرجان مونتريال العالمي تقول: إن الفطرة جعلت الرجل هو الأقوى والمسيطر بناءً على ما يتمتع به من أسباب القوة تجعله في المقام الأول بما خصه الله به من قوة في تحريك الحياة، واستخراج خيراتها، إنه مقام الذاتية عند الرجل التي تؤهله تلقائيًا لمواجهة أعباء الحياة وإنمائها، واطراد ذلك في المجالات الحياتية.
ب- الزعيمة النسائية الأمريكية (فليش شلافي) دعت المرأة إلى وجوب الاهتمام بالزوج والأولاد قبل الاهتمام بالوظيفة، وبوجوب أن يكون الزوج هو رب الأسرة وقائد دفتها.
ج- وفي كتاب صدر أخيرًا عن حياة الكاتبة الإنجليزية المشهورة (أجاثا كريستي) ورد فيه قولها: إن المرأة الحديثة مُغَفَّلة؛ لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم؛ فنحن النساء نتصرف تصرفًا أحمق؛ لأننا بذلنا الجهد خلال السنين الماضية؛ للحصول على حق العمل والمساواة في العمل مع الرجل.
والرجال ليسوا أغبياء؛ فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقًا من أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج.
ومن المحزن أن نجد بعد أن أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف الضعيف أننا نعود اليوم لنساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده.